التعطر والتبخر في الصيام.. من المفطرات أم المكروهات؟رمضان شهر التقشف والزهد ونبذ فتن الدنيا ومغرياتها، فمع أهمية التطيب والتعطر قبل النزول إلى العمل أو محل الدراسة، لا جدال على أن استخدام المعطرات في نهار رمضان ليس من
سنن الصيام. قد يظن البعض أنه مع حلية استخدام السواك ومعجون الأسنان لتعطير الفم والتخلص من الرائحة الكريهة فإن استخدام العطر قد حلله الدين، لكن الأمر يحتاج إلى روية وتمهل قبل الحكم بحلية التعطر أو حرمانيته المطلقة في نهار رمضان.
رغم أن بعض الفقهاء قد أفتوا بأن التعطر في رمضان من مبطلات الصوم، بل وأن شم رائحة العطر دون قصد يفسد الصوم، فإن رأي عموم علماء الدين هو أن استخدام العطر في نهار رمضان ليس من المفطرات، لكنه من المكروهات.
أفتى الشيخ الدكتور عبد الله سمك، أستاذ علم الأديان، بأن التعطر في نهار رمضان من المكروهات استنادا لما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (الصيام جنة فلا يرفث ، ولا يجهل ، إن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنى صائم مرتين ،والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى،الصيام لى وأنا أجزى به، والحسنة بعشر أمثالها.) وقبل الدكتور عبد الله سمك، أفتى الفقيه الإسلامي الجليل الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، عند سؤاله عن حكم التعطر في رمضان بأنه لا بأس به طالما لم يستنشق الصائم الرائحة فتصل إلى حلقه.
أما استخدام البخور لتطييب رائحة المنازل والمحال التجارية في نهار رمضان فهو لا يختلف عن استخدام العطور في تطييب رائحة الجسد في حكمه، فكلاهما محلل شرعا، وإن كان الفقهاء قد شددوا على كراهته. وللشيخ ابن عثيمين رأي في العطر والبخور (وأما الطيب فجائز للصائم في أول النهار وفي آخره سواء كان الطيب بخوراً أو دهناً أو غير ذلك ، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة إذا استنشقته تصاعدت داخل أنفه ثم إلى معدته)، ويستند الشيخ في ذلك إلى قول رسول الإسلام (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)