يتعلم سائقو التاكسي اللغة الإنجليزية ويقوم عمال تنسيق الحدائق بتمشيط الأشجار ونشر الزهور ويباع اللحم المشوي في الباحات الأنيقة بينما تم طلاء الجدران بالألوان والرسومات الأخاذة.
سترى حشود الجماهير القادمة من وسط العاصمة البولندية وارسو إلى استاد يورو 2012 مدينة مهندمة تتحفز لترك انطباع جيد عن نفسها والخروج عن أجوائها الرمادية النمطية من أيام العهد السوفييتي.
فقد خضعت العاصمة البولندية وثلاث مدن أخرى ستستضيف مباريات بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم "يورو 2012" لعمليات تجميل استعدادا لأكبر حدث رياضي في تاريخ البلاد.
ومن المتوقع أن ينبهر الزائرون بالاستادات المضيفة لمباريات يورو 2012 ، والتي تصل قيمتها إلى نحو 3ر4 مليار زلوتي (2ر1 مليار دولار) ، أو الشكل الجديد لمحطة القطار المركزية في وارسو التي كانت مشهورة بأكشاك الوجبات السريعة الملوثة والأعداد الكبيرة من المتسولين المشردين.
ولكن السكان المحليين لهذه المدن يعتريهم القلق بسبب هذه البطولة.
فالبولنديون والمحللون وأعضاء أحزاب المعارضة مازالوا يتذكرون الوعود التي قطعها رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك عندما فازت بولندا مع أوكرانيا بشرف التنظيم المشترك لبطولة يورو 2012 .
ويعلو صوت المنتقدين كلما اقترب موعد انطلاق بطولة الأمم الأوروبية.
حيث قال زعيم المعارضة ياروسلاف كاتشينسكي مؤخرا: "لا يوجد طرق سريعة أو خطوط للسكك الحديدية. لا يوجد أي شيء على الإطلاق" ، مشيرا إلى أن حكومة تاسك "لم تنجح في الاختبار".
وقال زعيم حزب القانون والعدالة اليميني: "كنا نعتقد أن الناس عندما تأتي إلى بولندا لحضور يورو 2012 سترى دولة حديثة".
ولكن الحكومة البولندية تقول إنها "مستعدة تماما" للبطولة مع الإشارة إلى أن 13 منتخبا من أصل 16 منتخبا يتنافسون في يورو 2012 قرروا الإقامة في بولندا أثناء البطولة.
ولكن المشاكل مازالت قائمة مع الطرق التي تعهدت الحكومة بتهيئتها من جديد أو تحديثها لتسهيل سفر آلاف الجماهير بين المدن البولندية الأربع المضيفة ليورو.
وأشار باول جراس المتحدث الرسمي باسم الحكومة البولندية إلى أن 80% من استثمارات البنية التحتية قد اكتمل بالفعل معترفا بأن نسبة ال20% الباقية لن تكون جاهزة بحلول موعد البطولة الأوروبية.
وقلل المسئولون من أهمية المشكلة حيث قال جراس إن غالبية جماهير يورو 2012 ستسافر إلى بولندا بالطائرة وأن جميع المطارات والسكك الحديدية تم تجديدها وتحديثها تماما.
وصرح ميكولاي بيوتروفسكي المتحدث الرسمي لوكالة بولندا 2012 المنظمة للبطولة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، قائلا: "تختفي المجازفات والأخطاء فقط عندما لا يكون هناك عمل .. وبالنظر إلى حجم الاستثمارات التي تمت خلال السنوات الخمس الماضية ، فمن الطبيعي أن يحدث بعض المجازفات".
بينما قال جراس: "في موقع بناء هائل كهذا تم استثمار مئات المليارات من الزلوتي فيه ، يوجد الكثير من العمل .. ويمكن أن تحدث بعض الأعطال".
ولكن النقاد والعديد من البولنديين أقل تسامحا حيث قالوا إن الحكومة فشلت في تنفيذ الوعود التي قطعتها في 2008 بإكمال وتحديث الطرق البولندية.
ومن أبرز الشكاوي المنتشرة بين البولنديين حاليا مسألة الحفر الموجودة بالشوارع والتكدس المروري والطرق السريعة التي تضم حارتين فقط ولكنهما باتتا أضيق بسبب استخدام شاحنات النقل لهذه الطرق.
بينما يرى محللون آخرون أن نسبة ال80% من الاستثمارات المكتملة التي تحدث عنها جراس هي رقم متفائل وأن بولندا في الحقيقة كان مستوى نجاحها أقل كثيرا من ذلك.
حيث صرح أدريان فورجالسكي خبير البنية التحتية لصحيفة "بوليتيكا" البولندية قائلا: "لا أعرف كيف يرى الوزير جراس أن الحكومة أنجزت 80% من استثمارات يورو 2012 .. فوفقا لحساباتي الخاصة فيما يتعلق بإنشاء الطرق تم تنفيذ 40% من الخطة الأصلية و50% من خطوط السكك الحديدية".
بينما صرح يانوس بييتشوسينسكي النائب بلجنة البنية التحتية بالبرلمان البولندي لصحيفة "رزيتشبوسبوليتا" قائلا إن نحو 40% من استثمارات الطرق سيتم الانتهاء منها في موعد البطولة الأوروبية بينما لن تحظى أي من المدن الأربع المضيفة للبطولة بطرق سيارات أو قطارات حديثة واصلة بينها وبين المدن الأخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن استثمارات بقيمة 13 مليار زلوتي أو ما يعادل ثمن القيمة الإجمالية للمشروعات المخططة لبطولة يورو 2012 لن تكتمل بحلول البطولة.
ولن يمثل هذا الأمر مشكلة كبيرة إذا ما قررت الجماهير بالفعل السفر إلى ومن المدن البولندية الأربع المضيفة ليورو 2012 بالطائرات وابتعدت عن الطرق.
ربما يذهل الزائرون باستادات يورو 2012 في بولندا مثل استاد مدينة جدانسك على الساحل البلطيقي والمبني بواجهة صممت لتعكس اللون الكهرماني المتوهج الذي تشتهر به المنطقة. كما أنهم سيلتقون بالبولنديين الودودين الحريصين على إظهار بلادهم كدولة أوروبية حديثة.
ولكن بالنسبة لسكان المدن الأربع المضيفة ليورو 2012 ستبقى الطرق مشكلة قائمة لما بعد نهائي البطولة. وقد تصبح هذه المشكلة نقطة جدال ساخنة بالنسبة للسياسيين البولنديين لعدة أشهر تالية بعد نهاية البطولة الأوروبية.