استبعدت ترودى روبين، الكاتبة الأمريكية البارزة، تطبيق النموذج التركى فى
مصر، لافتة إلى موقف جماعة الإخوان المسلمين المتناقض قبل وبعد زيارة رئيس
الوزراء التركى الإسلامى رجب طيب أردوغان للقاهرة، الذى قوبل بحفاوة بالغة
فى مطار القاهرة من قبل الإسلاميين، وما إن تحدث عن تعايش الدولة العلمانية
مع الدين اتهمته الجماعة بالتدخل فى شئون مصر، على حد قولها.
وقالت روبين إن "هناك غموضا فى موقف الإخوان من الدولة الناشئة، فإنهم
يرفضون النموذج التركى، رغم أن الإسلاميين هم الذين يحكمون، وفى نفس الوقت
ينكرون رغبتهم فى تأسيس دولة دينية فماذا يريدون؟ ولماذا جعلتهم دعوة
أردوغان فى تطبيق النموذج التركى يجنون؟".
وترى الكاتبة، التى حازت على عدة جوائز فى التحليل السياسى، فى مقالها
بصحيفة فلادلفيا إنكوارير، أنه إذا ما حقق الإخوان فوزا ساحقا فإنهم
يعتقدون فى أنه سيتم التحرك ببطء ولكن بثبات نحو أسلمة الدولة المصرية.
وترى الكاتبة الأمريكية أن المخاوف من الإسلاميين دفعت العديد من
الليبراليين و"المعتدلين" فى مصر لتفضيل النموذج التركى، الذى على الرغم من
أنه يخضع لحكم حزب إسلامى إلا أن الدولة التركية لاتزال علمانية ويلعب
الجيش دورا كبيرا فى السياسة وحماية علمانية الدولة، وقالت إنه بالطبع بات
قادة الجيش المصرى مغرمين بهذا النموذج. وبعدما كان المجلس العسكرى يميل
للإسلاميين ازداد عصبية مع احتمال فوزهم بنسبة كبيرة فى البرلمان.
وتشير روبين إلى رد الدكتور عصام العريان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين ،
ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة ، إلى أن الجانب العسكرى فى النموذج
التركى هو أحد الأسباب الرئيسية لرفض الجماعة له، موضحا أن دستور تركيا
العلمانى يمنح دورا خاصا للجيش مشددا: "نحن كإخوان مسلمين لا نرحب بدستور
علمانى أو دور للجيش".
ولكن تلفت الكاتبة إلى أنه من خلال حديث العريان يتضح أن الإخوان لديهم
أسباب أخرى لرفض نموذج أردوغان ، خاصة أنهم أكثر تشددا من الإسلاميين فى
تركيا وتونس، لافتة إلى قول العريان: "فى العالم الإسلامى، لدينا دور مختلف
للدين وفقا لتاريخنا وثقافتنا. فما هو مقبول فى تونس ليس مقبولا هنا".
وتشير روبين إلى أن حزب النهضة الإسلامى المعتدل فى تونس قد حقق فوز 40% فى
انتخابات المجلس التأسيسى التونسى، حيث أيد قادته حقوقا واسعة للمرأة
والانفتاح على الثقافات الأخرى.
ونقلت روبين عن العريان تأكيده على أن حزبه ليس لديه أى نية لإضافة مصطلحات
للدستور تجعل جميع التشريعات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مكتفيا
بالمادة الثانية.
وتختم الكاتبة مقالها مشيرة إلى أن النموذج التركى قد يكون أمل المصريين
لكن من غير المحتمل تطبيقه، خاصة أن الجيش المصرى لن يستطيع محاكاة أفعال
الجيش التركى الذى هو أقوى كثيرا والذى قام بسحق الإسلاميين "المتطرفين" فى
التسعينيات.